محامي التعويض في قضايا الأوقاف المحيطة بـِ الحرمين الشريفين

تُعدُّ منطقتا الحرمين الشريفين من أكثر المواقع العقارية حساسية وأهمية في المملكة العربية السعودية، ليس فقط من زاوية المقدّسة الدينية، بل أيضاً من منظور النمو العمراني والتوسّعات التي تنفّذها الدولة لخدمة ملايين الحجاج والمعتمرين سنوياً. وفي هذا السياق، تظهر مسألة تعويضات الأوقاف المنزوعة الملكية أو المجاورة لمشاريع توسعة الحرمين كأحد الملفات القانونية المعقّدة، والتي تتطلّب تدخّلاً قانونياً متخصصاً، لا سيّما من المحاماة ذات الخبرة في قضايا الأوقاف والتعويض العقاري.

المحامي في هذا النوع من القضايا ليس مجرد ممثّل طرف، بل هو كيان قانوني يعمل على تفسير النظام، التحقّق من الوثائق الوقفية أو العقارية، والمطالبة بحقوق موكّله وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها.

ابشر بعزك نحن في خدمتك
فقط املئ البيانات
وسوف نتواصل معك


الإطار القانوني والتنظيمي

نظام الأوقاف والجهات المعنية

  • إنّ نظام الأوقاف في المملكة يعطي لتعريف الوقف وضوابطه نظاماً قانونياً شاملًا، ويمكن الإطلاع على أحكامه من خلال منصة «منصة استطلاع». Istitlaa
  • تُنشأ أوقافٌ على أن تُسجَّل، وتوثَّق، وتُخضع لإشراف جهات مختصة، لضمان حماية الأصل الموقوف واستدامة نفعه.

نزع الملكيات والتعويض

  • عند تنفيذ مشاريع عامة – كالتوسعة أو التطوير في محيط الحرمين – قد تُنزع ملكيات عقارات، بما فيها الأوقاف، وذلك وفق نظام نزع الملكيات للعقارات للمنفعة العامة وغيرها من الأنظمة ذات العلاقة.
  • أحد المصادر يوضح أن «دليل استرشادي لإجراءات تعويضات الأوقاف المنزوعة» أعدّته الجهات المعنيّة. قانونية
  • كذلك، هناك مقال يعنى بتعويض «نزع الملكية في قضايا الأوقاف» ويشرح الخصوصية داخل نطاق الحرمين. مكتب المؤيد للمحاماة

خصوصية الأوقاف حول الحرمين

  • الأوقاف التي تقع داخل أو في محيط الحرمين – المسجد الحرام والمسجد النبوي – غالباً ما تكون ذات قيمة عقارية عالية، وتحمل طابعاً وقِفياً تاريخياً، ما يزيد التعقيد القانوني في تقدير التعويض أو الاستبدال.
  • مقال بعنوان «تعويض الوقف عن الأضرار في نطاق الحرم المكي والنبوي» يتناول هذا الجانب. مكتب المؤيد للمحاماة

التحديات القانونية والواقعية

هناك عدّة محاور تُشكّل تحدّياً في هذا النوع من القضايا:

  1. تحديد جهة النزاع: أحيانًا يكون العقار موقوفًا، والمسألة تتداخل بين الجهات التي تشرف على الوقف والجهة التي تنفّذ المشروع.
  2. توثيق الملكية والوقف: بعض الأوقاف قد تكون قديمة بشكل كبير، أو الصكوك غير واضحة، أو لم تُسجّل بشكل حديث، مما يُعقّد المطالبة بالتعويض. مقال في جريدة «عكاظ» يشير إلى أن قضايا الأوقاف تعتبر من أعقد قضايا الثروة العقارية. صحيفة عكاظ
  3. تقييم والتعويض العادل: تحديد القيمة السوقية والعينية للعقارات الموقوفة في محيط الحرمين، ما يتطلب خبرة تقييمية عالية.
  4. أثر الوقف على الإجراءات: الوقف بحد ذاته يفرض قيودًا واضحة – الأصول الموقوفة لا تُصرف إلا في أوجه الوقف ولا تُباع أو تُحال دون مراعاة السياق الشرعي والنظامي.
  5. مخاطر الفساد أو عدم الحوكمة: بحسب أحد المقالات، هناك قضايا كبيرة لنظار أو أوقاف لم تُحكّم أو تراقب جيدًا. صحيفة عكاظ

دور المحامي المتخصص في هذه القضايا

عند النظر إلى دور المحامي الذي يعمل في قضايا تعويضات الأوقاف المحيطة بالحرمين، يمكن تقسيمه إلى مراحل ووظائف متعددة:

أ. التحضير والاستشارة

  • يبدأ المحامي عادة باستشارة أولية: هل العقار أو الوقف يقع ضمن نطاق نزع الملكية؟ هل الصك والوثائق سليمة؟ ما هي قيمة التقييم الأولي؟
  • يشرح المحامي للموكّل أن الأمر لا يتعلق فقط بمدى الملكية العقارية، بل بصيغة الوقف، والجهة الناظرة، وما إذا كان المشروع داخل نطاق الحرم أو خارجه، لأن هذا يؤثّر كبيراً.

ب. جمع المستندات والأدلّة

  • طلب نسخة من صك العقار أو الوقف، سجل التسجيل العقاري، تسجيل الوقف، قرار نزع الملكية إن وجد، تقرير التقييم الخاص بالمشروع.
  • التأكّد من أن العقار أو الوقف يقع ضمن نطاق المشروع الذي يُنفّذ – مثل توسعة الحرم أو إنشاء مرافق خدمية.
  • البحث عن تعويضات سابقة في نفس المنطقة كسابقة أو مرجع لتقييم.

ج. المفاوضة أو المطالبة بالتعويض

  • المحامي قد يقود مفاوضة مع الجهة المنفذة – مثل أمانة المنطقة، أو هيئة تطوير الحرم – بشأن مبلغ التعويض أو استبدال الأصل.
  • في حال التأخر أو الرفض، يجهّز للمحاكمة أو لدعوى قانونية لإلزام الجهة بالتعويض أو التعويض الإضافي.

د. التقاضي والتمثيل القضائي

  • المحامي يقدّم مذكّرات قانونية تستند إلى: صك الوقف، قرار نزع الملكية، خبرة تقييم، القيمة السوقية، وأساسها النظامي والشرعي.
  • يمثّل الموكل أمام الجهات القضائية المختصة – قد تكون المحكمة الإدارية أو لجنة نزع الملكية أو غيرها.
  • متابعة التنفيذ: حصول الموكل على التعويض، أو استلام الأصل البديل، أو ضمان استثمار التعويض في مصارف الوقف.

هـ. حماية حقوق الوقف أو الورثة

  • في حالة أن الأصل موقوف، المحامي يضمن أن حقوق الورثة أو المستفيدين مصانة، وما إذا كانت هناك نزاعات بين ورثة أو نظّار.
  • وكذلك يتأكد أن التعويض يُودع و يُصرف وفق شروط الوقف، أو أن الأصل البديل يُوفّر نفس النفع.

حالة تطبيقية واقعية

كمثال واقعي: في مقال (غير رسمي) تم الإشارة إلى أن 60% من تعويضات نزع الأوقاف والمساجد بمكة لدى مؤسسة النقد، وأن هناك تحدّيّات في التنفيذ. وقفنا – ثواب مستمر ونفع للجميع
وكذلك، في مقال آخر تم ذكر أن الأوقاف في المملكة (بشكل عام) لديها قضايا كبيرة نظرتها المحاكم؛ الأمر يدل على أن الموضوع ليس نظرية فقط بل واقعاً عملياً. صحيفة عكاظ


لماذا يجب اختيار محامٍ متخصص في الأوقاف؟

  • لأن موضوع الأوقاف يتداخل فيه الشأنين الشرعي والنظامي، ويتطلب فهماً لكل من نظام الأوقاف، نظام المرافعات الشرعية، وصلاحيات الجهات الإدارية.
  • المحامي المتخصص يعرف السوابق القضائية في مجال الأوقاف، وعملية تقديم الدعوى أو المطالبة بالتعويض، وكذلك يملك شبكة من الخبراء (تقييم، عقارات) للتعاون معه.
  • كما أن الوقف أو الملكية في محيط الحرمين قد تكون ذات قيمة عالية وتأخّر المطالبة قد يُؤثّر على الأهلية القانونية أو إثبات الحق.

توصيات عملية للموكّل أو صاحب الحق

  • قم بالتوثيق المبكر: احصل على نسخ من الصكوك العقارية، أي مستندات وقف، وتاريخ أي نزع ملكية أو إشعار.
  • استشر محامياً في وقت مبكر من ظهور أي إشعار أو مشروع نزع أو توسعة، بدلاً من الانتظار حتى تبدأ الإجراءات الإدارية.
  • تأكّد أن المحامي يفهم تخصص الأوقاف والعقارات في سياق الحرمين، وليس فقط قضايا تعويضات عامة.
  • تحقق من قيمة التعويض، هل كانت عادلة؟ هل شملت البديل العيني أو فقط النقدي؟ وهل تم التنفيذ؟
  • تابع سير الدعوى أو المطالبة، ولا تكتفِ بالمراسلات فقط. تطلب التنفيذ أو رفع الدعوى إن لزم الأمر.
  • في حالة الوقف: تأكّد أن حقوق الورثة أو المستفيدين محفوظة، وأن أي تحويل أو نزع الملكية لا يُخلّ بشرط الواقف أو الغرض الوقفي.

الأبعاد الشرعية والنظامية في تعويض الأوقاف

من الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية تستند في أنظمتها القضائية إلى الشريعة الإسلامية بوصفها المرجع الأساس في الحكم والفصل بين الخصومات. وبما أن الوقف هو عمل تعبدي في أصله، فإن تعويضه أو استبداله يخضع لضوابط شرعية دقيقة.
فقد نص العلماء على أن الوقف لا يُباع ولا يوهب ولا يُورث إلا إذا تعذر الانتفاع به على وجهه المشروع، فيُستبدل حينها ببدلٍ يقوم مقامه في الغرض الوقفي.
وعند نزع ملكية عقارٍ موقوف لصالح توسعة الحرمين أو مشروعات خدمية عامة، فإن التعويض المالي يُعامل كبدلٍ شرعي يجب أن يُصرف في نفس أوجه البر أو المصارف التي حدّدها الواقف الأصلي.

ويحرص القضاء السعودي – ممثلاً بالمحاكم العامة والإدارية – على تطبيق هذه القواعد مع مراعاة النظام الحديث للأوقاف الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/11) لعام 1441هـ، الذي أكّد على حفظ أصول الوقف، وتنمية ريعه، والتصرف فيه بما يحقق المقاصد الشرعية.


آلية تقدير التعويض في أوقاف الحرمين

عملية تقدير التعويض تمر بعدة مراحل فنية وإدارية، يشرف عليها عادة لجنة مختصة من وزارة المالية، وأمانة المنطقة، وهيئة عقارات الدولة، والهيئة العامة للأوقاف.
وتُراعى فيها مجموعة من المعايير، أهمها:

  1. القيمة السوقية للعقار أو الأرض قبل نزع الملكية.
  2. طبيعة الوقف وهدفه؛ هل هو وقف ذري، أو خيري عام، أو مختلط.
  3. الموقع الجغرافي ومدى قربه من الحرم الشريف أو المنطقة المركزية.
  4. تاريخ إنشاء الوقف وصحة صكه الشرعي.
  5. البديل المقترح: سواء كان تعويضًا نقديًا أو عينيًا (أرض بديلة أو استثمار وقفي جديد).

وفي كثير من الحالات، يكون التعويض عينيًا وليس نقديًا، أي يُعطى للوقف عقار بديل في منطقة أخرى، ليبقى الأصل الموقوف قائمًا ويستمر نفعه، وهو ما يتوافق مع المقاصد الشرعية للوقف.


الإشكالات العملية التي تواجه المحامين في هذه القضايا

  1. غياب الوثائق الأصلية: بعض الأوقاف القديمة تفتقر إلى الصكوك أو الوثائق الحديثة، مما يُضعف مركزها القانوني.
  2. تعدد الورثة أو النظّار: في الأوقاف الذرية، قد يتنازع الورثة حول صفة الناظر الشرعي أو أحقية المطالبة بالتعويض.
  3. تضارب الصلاحيات بين الجهات: بين هيئة الأوقاف، والمحكمة، والجهة المنفذة للمشروع.
  4. تفاوت تقييمات التعويض: أحيانًا يختلف التقدير بين الجهات، مما يدفع المحامي لرفع دعوى اعتراض على التقييم.
  5. التأخير في صرف التعويضات: وهو من أبرز الإشكالات الواقعية، خاصة في المشروعات الكبرى مثل توسعة الحرمين.

ولذلك، فإن المحامي المختص يحرص على متابعة القضية في مراحلها كافة، من التوثيق والمطالبة إلى التقاضي والتنفيذ، حتى ضمان استلام التعويض أو البديل الوقفي الشرعي.


الأثر الاجتماعي والاقتصادي لتعويض الأوقاف

لا تقتصر قضية تعويض الأوقاف على البعد القانوني فقط، بل لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية كبيرة، إذ تمثل الأوقاف أحد أهم موارد العمل الخيري والاستدامة الاقتصادية في المملكة.
فعندما يتم نزع عقارٍ موقوف في مكة أو المدينة، فإن التعويض المالي الممنوح يتيح إنشاء أوقاف جديدة في مواقع مختلفة، ما يُعيد تنشيط العمل الخيري وتوسيع دائرة النفع العام.

كما أن تعويض الأوقاف في مشاريع التوسعة يُعتبر أحد صور التكامل بين التنمية العمرانية والعدالة الاجتماعية، حيث لا يُترك أصحاب الحقوق دون مقابل، بل يتم حفظ حقوقهم وفق أحكام الشريعة والنظام.


التوجهات الحديثة في إدارة وتعويض الأوقاف

تعمل الهيئة العامة للأوقاف بالتعاون مع الجهات العدلية والتنظيمية على تطوير منظومة إلكترونية شاملة لتوثيق الأوقاف، وضمان سرعة صرف التعويضات وفق إجراءات عادلة وشفافة.
كما يجري العمل على إصدار لوائح تنفيذية محدثة لتنظيم:

  • تقييم العقارات الموقوفة.
  • استبدال الأوقاف المنزوعة.
  • حوكمة إدارة التعويضات.
  • آليات الرقابة على صرف البدل.

ويواكب هذا التطور توجه رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على أهمية تطوير قطاع الأوقاف وجعله أحد ركائز الاقتصاد غير النفطي، بما يعزز الاستدامة المالية والعمل الاجتماعي المؤسسي.


التوصيات

  1. تعزيز الوعي القانوني بين نظّار الأوقاف حول حقوقهم النظامية عند نزع الملكية.
  2. تسريع إجراءات الصرف والتوثيق الإلكتروني للأوقاف المتأثرة بمشروعات التوسعة.
  3. تفعيل دور المحامين المتخصصين في الأوقاف لضمان العدالة وحماية أصول البر.
  4. تطوير آليات الاستبدال الوقفي بحيث يُعاد استثمار التعويض في مشاريع ذات نفع عام مستدام.
  5. دعم الشفافية والحوكمة الوقفية لضمان أن تصرف التعويضات في الأوجه المحددة من الواقف.

الخاتمة

قضايا تعويض الأوقاف المحيطة بالحرمين الشريفين تمثّل إحدى أكثر القضايا القانونية حساسية وتعقيداً في المملكة، لما تتداخل فيه العقارات القيّمة، الوقف الشرعي، والمصالح العامة لدخول ملايين الزوار سنوياً. ومن هنا، يصبح وجود محامٍ متخصص ليس مجرّد خيار بل ضرورة حتمية لحماية الحقوق، وضمان الإنصاف، ومتابعة الإجراءات الدولة بطريقة قانونية سليمة.

إذا كنت صاحب عقار أو وقف في محيط الحرمين وتعتقد أنك تستحق تعويضاً أو لديك استفهامات حول وضعك القانوني، فإن التواصل مع محامٍ مختصّ في الأوقاف والتعويض العقاري يمثل أول خطوة أساسية نحو استحقاقك القانوني وتحقيق حقيقتك.

طلب استشارة
WhatsApp