التحكيم في عقود البناء والإنشاء في السعودية

التحكيم في عقود البناء والإنشاء في السعودية يُعتبر قطاع البناء والإنشاء من القطاعات الأكثر حيوية في المملكة العربية السعودية، إذ يشهد مشاريع عملاقة ضمن رؤية 2030، مثل مشاريع نيوم، البحر الأحمر، القدية، ذا لاين، وغيرها من المشاريع التنموية الضخمة. وبحكم الطبيعة المعقدة لهذه المشاريع، وتعدد الأطراف المشاركة فيها من ملاك، مقاولين، مهندسين، موردين، ومصارف، فإن النزاعات تصبح أمراً وارداً، سواءً في ما يتعلق بالتنفيذ، أو المواصفات الفنية، أو التأخير، أو المطالبات المالية.
ومن هنا ظهر التحكيم كوسيلة قانونية بديلة لحل النزاعات في قطاع الإنشاءات، حيث يمنح الأطراف مرونة وسرعة في تسوية خلافاتهم مقارنة بالمحاكم التقليدية. المملكة بدورها أولت اهتماماً كبيراً بتعزيز التحكيم عبر نظام التحكيم السعودي 2012 وإنشاء المركز السعودي للتحكيم التجاري الذي أصبح منصة مهمة لفض المنازعات التجارية والإنشائية.
ابشر بعزك نحن في خدمتك
فقط املئ البيانات
وسوف نتواصل معك
خطوات وإجراءات التحكيم في نزاعات البناء
التحكيم في عقود الإنشاء يمر بعدة مراحل أساسية، يمكن تلخيصها فيما يلي:
- وجود شرط التحكيم في العقد
- غالباً ما يُدرج في عقد المقاولة أو عقد البناء بند يُعرف بـ “شرط التحكيم”، ينص على أن أي نزاع ينشأ بين الأطراف يتم حله عن طريق التحكيم بدلاً من المحاكم.
- تقديم طلب التحكيم
- عند وقوع النزاع، يتقدم أحد الأطراف بطلب رسمي لبدء إجراءات التحكيم، سواء عبر المركز السعودي للتحكيم التجاري أو أي جهة أخرى متفق عليها.
- تشكيل هيئة التحكيم
- يختار الأطراف محكماً واحداً أو أكثر (عادة ثلاثة محكمين)، بشرط أن يكونوا خبراء في القانون أو في المجال الهندسي والإنشائي.
- تبادل المذكرات والمستندات
- يقدم كل طرف دفوعه وأسانيده ومستنداته المتعلقة بالنزاع، مثل العقود، الجداول الزمنية، أو تقارير الخبراء.
- جلسات الاستماع
- تعقد هيئة التحكيم جلسات استماع لمرافعات الأطراف، ويتم الاستعانة بخبراء هندسيين وفنيين عند الحاجة.
- إصدار حكم التحكيم (القرار التحكيمي)
- تصدر الهيئة قراراً ملزماً ونهائياً للطرفين، ويكون قابلاً للتنفيذ عبر المحكمة المختصة في السعودية وفق نظام التنفيذ.
أهمية التحكيم في قطاع الإنشاءات السعودي
التحكيم في نزاعات البناء ليس مجرد خيار بديل، بل أصبح ضرورة للأسباب التالية:
- سرعة البت في النزاعات
- المشاريع الإنشائية عادة مرتبطة بجداول زمنية صارمة، لذا فإن التحكيم يساعد في تسوية النزاعات بسرعة أكبر من القضاء التقليدي.
- السرية
- يضمن التحكيم الحفاظ على سرية تفاصيل النزاع، مما يحمي سمعة الأطراف التجارية والمشاريع.
- الخبرة الفنية
- في نزاعات البناء قد تكون المسائل فنية بحتة، كالمواصفات الهندسية أو جودة المواد، والتحكيم يسمح بالاستعانة بخبراء متخصصين في المجال.
- تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب
- وجود نظام تحكيم فعال في السعودية يعزز ثقة المستثمرين الدوليين، خصوصاً في المشاريع الكبرى ذات الشراكات العالمية.
مزايا وعيوب اللجوء إلى التحكيم في الإنشاءات
المزايا:
- السرعة في الفصل مقارنة بالمحاكم التقليدية.
- المرونة في اختيار القانون الواجب التطبيق ولغة التحكيم.
- سرية الإجراءات، بعكس القضاء الذي تكون أحكامه علنية.
- الخبرة المتخصصة للمحكمين في القضايا الفنية.
- النهائية والإلزامية في قرارات التحكيم.
العيوب:
- ارتفاع التكاليف نسبياً، خاصة عند اختيار محكمين دوليين أو اللجوء إلى مراكز تحكيم دولية.
- قلة فرص الاستئناف، إذ أن قرارات التحكيم نهائية ولا تقبل الطعن إلا في حالات محدودة جداً.
- قد يواجه بعض الأطراف صعوبة في التنفيذ إذا لم يكن لديهم ملاءة مالية، رغم إلزامية الحكم.
الأسئلة الشائعة
1. هل التحكيم في السعودية ملزم قانونياً؟
نعم، حكم التحكيم الصادر وفق نظام التحكيم السعودي يُعتبر نهائياً وملزماً، ويتم تنفيذه عبر محاكم التنفيذ.
2. هل يمكن إدراج شرط التحكيم بعد توقيع العقد؟
نعم، يمكن إضافة “اتفاق تحكيم” لاحقاً إذا اتفق الطرفان كتابياً بعد نشوء العقد.
3. هل يشترط أن يكون المحكم سعودياً؟
لا، يمكن أن يكون المحكم سعودياً أو أجنبياً، بشرط أن يتمتع بالكفاءة والخبرة وألا يكون لديه تعارض مصالح.
4. ما هو دور المركز السعودي للتحكيم التجاري؟
المركز هو الجهة الرسمية التي تنظم إجراءات التحكيم التجاري والإنشائي داخل المملكة، ويوفر قواعد وإجراءات حديثة تتماشى مع المعايير الدولية.
5. هل التحكيم بديل كامل عن القضاء؟
نعم، لكنه يتطلب اتفاق الأطراف عليه مسبقاً، وفي حال غيابه يتم اللجوء إلى القضاء العادي.
الخاتمة
يُعتبر التحكيم في عقود البناء والإنشاء في السعودية خياراً استراتيجياً فعالاً لحل النزاعات في هذا القطاع الحيوي، حيث يجمع بين السرعة، السرية، التخصص، والمرونة، مما يجعله ملائماً لطبيعة المشاريع الكبرى والمعقدة. ومع دعم الدولة وتطوير التشريعات، بات التحكيم وسيلة مفضلة للشركات المحلية والدولية لضمان استمرارية مشاريعها دون تعطيل أو تأخير.
وبذلك يمكن القول إن التحكيم أصبح اليوم جزءاً أساسياً من بيئة الأعمال السعودية، ويشكل ركيزة مهمة لجذب الاستثمارات وتعزيز الثقة في القطاع العقاري والإنشائي.